السيد سطوحى
كثيرا ما كانت الحسرة تملأ قلبى عندما أجد الأنظمة الحاكمة الظالمة فى الداخل والخارج تجد مبرراً مقبولاً لدى شعوبها للبطش بخصومها ودعاة الإصلاح فيها ، وكانت تتمكن من ستر عوراتها بالكذب الذى كان ينطلى على كثيرٍ من أبناء أمتنا البسطاء فيقصون ويعتقلون بل ويقتلون أحياناً تحت دعاوى كاذبة- من تلقى أموالٍ من دولٍ خارجية أو تهديدهم للأمن والاستقرار فى البلاد أو خروجهم عن الشرعية القانونية- وكانت( هذه الافتراءات) تجد من الشعب المضللَ تصديقاً أو تأييداً إذ كانت تسيطرتلك النظم على كل شىء من تعليم وإعلام ومجالس نيابية حتى إنهم كانوا يحتكرون الحقيقة ويصادرون الآراء والأفكار ؛
وكان يكفيهم أن يدَعوا على أحدهم( أنه يحاول قلب نظام الحكم ) حتى يجدوا الدعم السياسى والإعلامى بل والشعبى لإنزال أقسى العقوبات به دون محاكمة عادلة وربما لا يحتاجون إلى محاكمة أصلاً ويكفى للتذكير بأن اعتقالات.. الإخوان فى عهد عبد الناصر والسادات والمحاكمات العسكرية المباركية فى.. لم تجد فى وقتها من وسائل الإعلام والمؤسسات المعنية ولامن الشعوب مساندة أوتحقق أوتعقيب إلا بالتأييد لما تقوم به تلك النظم الدكتاتورية الفاسدة ؛ وكانت تلك النظم تستند إلى الشرعية التى منحها الشعب إياها وتستغلها للقضاء على كل من يحاول كشف فسادها أو تهديد بقائها فى السلطة أو يحاول أن يكون له دور فى اصلاح مجتمعه فيكشف عجزها وفشلها.
إلا أن صبر المصلحين وتمسكهم بالحق والدعوة إليه قد كشف قبح وسوء تللك النظم وعرَى سوآتها وأثبت فسادها وظلمها ، فكان منها أن رَدَت على هذا بمزيدٍ من البطش والتنكيل على غير أحكام القانون ودون احترام للمؤسسات القضائية مما أفقدها شرعيتها التى استندت إليها فانصرف عنها الشعب ولم يعد يصدق ادعاءاتها على أهل الإصلاح وظهر ذلك جلياً فى تأييده المتزايد للقوى الإسلامية المصلحة وانتخابه لها ممثلة له فى البرلمانات.
وأضحت الحكومات فى نظر شعوبها هى الخارجة عن القانون المتعدية على الشرعية والمهددة للأمن والاستقرار فى البلاد ؛
وهذه أولى البشريات .
فكلما تغولت السلطة و كشفت عن وجهها القبيح التى كانت تستره لوقت طويل استبشرت بقرب الفرج .
فهو دليل على نضوب الحيل الخبيثة الماكرة وفراغ جعبة الطغمة الحاكمة فلجأت إلى القوة العارية من المشروعية وهى المرحلة الأولى لزوال حكمها وانهياره وبدأ أتباع هذه الفئة فى التبرؤ من أفعالهم ومنهم من يحاول القفز من السفينة قبل غرقها والالتفات إلى القوى الصاعدة الأخرى .
فالاستناد إلى قوة دون غطاء شرعى أو سياسى مراهنة خاسرة , فزوالها قريب ومحتوم وهذا يفهمه الجميع وفى التاريخ ما يغنى عن السرد .
إذاً فقد بدأ العد التنازلى لعمر هذه الأنظمة وانهيارها وشيك حتى لو لم تتدخل القوى السياسية المنافسة فى هذا, فهو قانون طبيعى وسنة كونية تعمل وحدها أو بالتعاون مع الصالحين المصلحين .
وعلى هذا فإن القوى المصلحة عليها أن تجهز نفسها لتحمل المسؤولية وتصلح داخلهاوتقوَىِ صفها لتتمكن من بناء مجتمعها والتخلص من الأنقاض التى سيخلفها انهيار الأنظمة الفاسدة الفاشلة ؛
ويبقى التحدى الذى سيواجههم هو إعادة ثقة المجتمعات فى جدوى التنظيم المجتمعى المعروف بالدولة واحترام مؤسساتها وقوانينها
... فهل سينجحون ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق